القائمة الرئيسية

الصفحات


مفهوم الموظف العام 

المقدمة:
القوانين وجدت لتنظم حياة الناس وإبعادهم عن العشوائية والتخبط، وحفظ الاستقرار في المجتمع، فالمجتمعات التي تفتقر إلى القوانين دائمًا ما تكون غير مستقرة وعدم تحقق الوصف الأخير يجعل من المجتمعات متدنية غير قابلة للتطور والتنمية ويسودها الجهل. سلطنة عمان بحمد الله من الدول المتقدمة في وضع القوانين والتشريعات وتطبيقها، ولعل أهم القوانين هو قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني (120/2004) والذي ينظم شؤون الوظيفة العامة في الدولة.
الكثير من الناس يجهل من هو الموظف العام ومتى يجب أن نطلق هذا المفهوم على شخص معين، 
أولًا: مفهوم الموظف العام: هو كل شخص صدر قرار بتعيينه من السلطة المختصة في وظيفة منتظمة لخدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام. هـذا التعريف يوصف بأنه جامع مانع، أي يجمع كل عناصر المفهوم وهي صدور قرار التعيين من سلطة مختصه وأن تكون الوظيفة منتظمة وأن يكون التعيين في خدمة مرفق عام ويمنع من دخول عناصر مفاهيم أخرى وهذا ما يجعل مفهوم الموظف العام مستقر وثابت.
ثانيًا: عناصر مفهوم الموظف العام:
١ـــ صدور قرار التعيين من سلطة مختصة: القاعدة العامة تنص على أن كل شخص لم يصدر قرار بتعيينه لا يعد موظف عام، حتى لو مارس مهام الوظيفة العامة. السلطة المختصة بالتعيين أو ما تعرف بـ (أداة التعيين) هي الجهة الإدارية التي تملك صلاحية تعيين الموظف العام، فإما أن يكون رئيس الدولة وهو المختص بإصدار قرار تعيين (وكيل الوزارة) ويكون التعيين عن طريق مرسوم سلطاني. وإما أن يكون رئيس الوحدة ويقصد بها الوزير أو رئيس الوحدة الإدارية ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة حسب ما جاء بنص المادة (2) من قانون الخدمة المدنية، وتكون له صلاحية تعيين باقي الدرجات الوظيفية من الدرجة الثامنة عشر حتى الدرجة الأولى. الجدير بالذكر أن درجة وكيل الوزارة تعتبر أعلى درجة وظيفية وما أعلى عنها لا يعتبر موظف عام ومن الدرجة الرابعة عشر إلى الدرجة التاسعة يطلق عليها مسمى درجات حرفية وهذا حسب ما ورد بجدول الدرجات والرواتب في ذات القانون.
والسبب في عدم إعتبار الشخص موظف عام هو تخلف عنصر القرار الإداري بالتعيين، ولكن هناك إستثناء يقضي بأن الشخص يعتبر موظف عام حتى لو لم يصدر قرار بتعيينه وهو ما يسمى بـنظرية (الموظف الفعلي) فتصرفات الشخص الذي مارس مهام الوظيفة دون صدور قرار بتعيينه تكون صحيحة حالها حال الموظف الذي صدر قرار بتعيينه، ولهذه النظرية حالتان:
1. شخص لم يصدر قرار بتعيينه ولكن مارس مهام الوظيفة: الأصل أن التصرف الذي صدر منه يعتبر غير صحيح ومنعدم وهو حالة من حالات عيب عدم الإختصاص الجسيم ولكن وفق لنظرية الموظف الفعلي يعتبر صحيح وذلك لعدة أسباب منها حماية الغير حسن النية – المتعامل مع المرفق العام – وذلك لأنه لا يعلم إذا كان الموظف الذي ينجز له المعاملة هو موظف قد تم تعيينه بقرار أم لا. من جهة أخرى إذا كان المتعامل مع المرفق سيئ النية أي يدرك أن الشخص الذي قام بالتصرف ليس موظفًا عامًا فلا يستفيد من نظرية الموظف الفعلي. من التبريرات المهمة أيضًا هو حماية الثقة في مؤسسات الدولة فهذه المؤسسات هي محل ثقة وإعتبار لدى المتعاملين مع المرفق فإذا كان بين كل حين وآخر يتم إلغاء قرار أو تصرف صادر من هذه المؤسسة فسوف يصبح هناك عدم ثقه بالمؤسسات مما يؤثر سلبًا على إستقرار العمل وسرعة إنجاز المعاملات ويعيق تحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها هذه المؤسسات الحكومية. وأخيرًا لتطبيق مبدأ سير المرافق العامة بإنتظام واستمرار فقد توجد ظروف طارئة تمنع الموظفين عن أداء العمل فتستعين الدولة بأشخاص عاديين لتسيير المعاملات والقيام بالتصرفات وإصدار القرارات خلال هذه الظروف.
2. شخص صدر قرار بتعيينه ولكن إتضح أن القرار باطل وبعد ذلك تم إلغاءه قضائيًا أو سحبه إداريًا من جهة الإدارة: في هذه الحالة نورد بعض الوسائل التي تمكن جهة الإدارة والقضاء في التصرف بشكل صحيح تجاه هذا القرار.
أولًا: هناك وسيلتين تمتلكها جهة الإدارة لتنهي هذا القرار الباطل. الوسيلة الأولى هي السحب الإداري ويعني أن القرار غير صحيح من تاريخ صدوره وليس من تاريخ إكتشاف البطلان ويكون له أثر رجعي أي إنه ينهي الأثار في الماضي والمستقبل ولا يعتد بأي تصرف.
الوسيلة الثانية هي الإلغاء الإداري وليس له أثر رجعي فالتصرفات الماضية تبقى صحيحة بمعنى آخر أن التصرفات التي تمت من تاريخ صدور القرار حتى تاريخ إلغاء القرار تعتبر صحيحة.
ثانيًا: هناك وسيلة واحدة في يد القضاء وتسمى بالإلغاء القضائي مفادها صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار وتكون أثاره هي ذات أثار السحب الإداري.
2- أن تكون الوظيفة منتظمة ودائمة: لكي توصف الوظيفة بأنها وظيفة منتظمة ودائمة يجب أن يتوافر فيها شرطان: الأول لها مكان في الهيكل التنظيمي للجهاز الإداري (مسمى وظيفي). والثاني أن يكون لها درجة مالية ممولة من الموازنة العامة للدولة من باب الأجور والمرتبات. هناك قاعدة تنص على أن العبرة بدائمية الوظيفة وليس بدائمية العمل المسند فالشخص الذي يقدم خدمة بشكل عارض أو موسمي لا يعد موظفًا عامًا حتى لو تقاضى أجرًا من الدولة لأن هنا الوظيفة ليست دائمة وإنما متقطعة. مثل إدارة الحدائق مسؤولة عن الزراعة والتشجير داخل المؤسسة، فمن حق هذه الإدارة أن تجلب أشخاص من الخارج (ليسوا موظفين) متخصصين في هذا المجال وتسند إليهم العمل مقابل مبلغ معين من المال، فهؤلاء لا ينطبق عليهم مفهوم الموظف العام لأن عملهم موسمي أو عارض وليس دائم.
٣ – أن يكون التعيين في خدمة مرفق عام: وعكس المرفق العام هو المرفق خاص. وهو كل مشروع تديره الدولة أو تشرف عليه بهدف تقديم خدمة عامة للجمهور وبشرط أن لا تستهدف الربح من هذا المشروع ولا يمنع من فرض رسوم رمزية ويشترط أن لا تساوي هذه الرسوم قيمة الخدمة أو أكثر، فإذا كان الرسم يساوي قيمة الخدمة أو أكثر هنا إستهدفت الدولة الربح فإنه يعتبر مرفق إقتصادي وليس مرفق عام وبالتالي لا ينطبق على الشخص العامل فيها مفهوم الموظف العام، فالمعيار هنا هو تحقيق الربح من عدمه.
الخلاصة:
مفهوم الموظف العام يحتوي على ثلاث عناصر رئيسية وهي صدور قرار التعيين من جهة مختصة مع توضيح بعض الاستثناءات والتبريرات، وأن تكون الوظيفة منتظمة وبيان ماهية الوظيفة المنتظمة، وأن يكون التعيين في خدمة مرفق عام مع تفصيل متى يمكن إعتبار المرفق عام. وهذا التعريف وصف بأنه جامع مانع أي إنه يجمع كل العناصر ويمنع من دخول عناصر لمفاهيم أخرى مما يؤدي إلى إستقرار المفهوم وسهولة التعامل معه.

تعليقات